شنيني: شباب يعيدون إحياء 'التويزة'..تراث أمازيغي يجسد التكافل المجتمعي
إحياء لعادات و تقاليد الاجداد، بادر عدد من شباب منطقة شنني من ولاية تطاوين بالقيام بعادة "التويزة" او الرغاثة حيث تنقلوا إلى منطقة العقلة و قاموا بتنظيف بئر وازالة كل الاوساخ والحجارة ليصبح صالحا للاستعمال متحدين الطقس الحار و الحشرات و الزواحف.
وأكّد الشبات المتطوعون أنّ العملية ستتواصل و سيقومون بعدة حركات تطوعية اخرى لفائدة الجهة و الاهالي .
و'' التويزة'' تعني التعاون ، وهي عادة أمازيغية موغلة في القدم ، تنتشر في شمال أفريقيا ، وتقوم على العمل التطوعي ، الذي يقوم به أفراد داخل مجتمعاتهم من أجل الصالح العام.
وتعود التسمية إلى المصطلح الأمازيغي ( وز ) ، الذي يعني العون ، ويتم تنظيم التويزة في مناسبات بعينها مثل : الأفراح و هي ما يبرز في عادات عديدة متعلقة بالأفراح مثل : غسل الصوف ، عولة الكسكسي و الملثوث، و التعاون من أجل الطبخ يوم الزفاف، وكذلك يظهر فيما يسمى العون في بعض المناطق ، وهو إهداء مبلغ من المال للعريس ، في وقت وضعه الحناء ، وهي عادة تنتشر في الكثير من المناطق و لها أسماء متعددة حسب اللهجات .
و أصل اللجوء لتنظيم التويزة في المجتمع الأمازيغي مرتبط بوقت الحصاد ، حصاد الحبوب أو جني الزيتون وغيره ، حيث يجتمع أهل القرية أو المنطقة للعمل في حقل أحدهم حتى يتمون العمل به بالمجان ، ثم يقومون بالانتقال لحقل آخر حتى تتم العملية لدى الجميع ، وذلك للتغلب على صعوبات التعامل مع الأرض ، التي كان يتم العمل فيها يدويا.
ولقد توسع هذا النشاط ( التويزة ) ليشمل عدة جوانب في الحياة سواء القديمة أو المعاصرة ، مثل الأعراس وحفلات الختان وبناء المنازل وكفالة الأيتام وبناء السدود وحفر المواجل وحفر الغيران الجبلية و بناء الطوابي و تظهر أيضا في المآتم والكوارث الطبيعية وفي الأعياد والمناسبات الدينية .
كما ان للتويزة شكل آخر يظهر في التبرع ، وخاصة بالطعام ، وتسمى ( لوزيعة ) مما يوزع ، أو ( السهمة ) أي السهم هو الجزء المخصص لأحدهم ، وتظهر في الأعياد والمناسبات ، حيث يتبرع الأغنياء للفقراء باسهم مما لديهم من مال أو أكل ، وقد يتم جمع هذه الأشياء من مأكل وملبس وتوزع عليهم في شكل حصص .
وتهدف التويزة لخدمة مصلحة الأخر من اجل الجماعة ، أو لخدمة الجماعة بشكل مباشر ، والتويزة بمفهومنا اليوم هي أحد أبعاد المواطنة التشاركية الحديثة ، حيث يهتم الفرد فيها لمصلحة الجماعة أو القرية التي يعيش فيها. وبالتالي تعد هذه الممارسات القديمة أحد العادات التي رسخت ارتباط الإنسان الأمازيغي بجماعته و منطقته، ووعيه بان التعاون سيحقق له الأمن و الإستقرار، و يساعده في التغلب على مصاعب الطبيعة و الحياة.
الحبيب الشعباني